"يجول Yagoul" مشروع يهدف لإثراء المحتوى العربي على الانترنت في كافة المجالات والمواضيع من التعليم والثقافة والاعمال والسفر والسيارات وغيرها ..
كما يعمل ان يصبح واحداً من اكبر مصادر المعلومات العربية على الانترنت من أجل مساعدة الباحثين ورواد المعرفة والمستخدمين من مختلف الفئات في ايجاد المعلومة بسهولة من خلال تصنيف "يجول" هو الوصول الاسرع للمعرفة.
فرحة ودمعة
2 years ago

كيفية مواجهة الازمات والتغلب عليها
ان الانسان فى مشوار حياتة يقابل الكثير من الازمات والمشكلات الى تنغص علية حياتة لكن الذكى منا من يستفيد من تلك الازمات ويخرج منها اشد قوة واكثر اصرار على مواجهة صعوبات الحية والفوز بما نريدة فلنتعرف سويا على كيفية مواجهة الازمات والتغلب عليها:


استقلّ أحد الحكماء سفينة، الموج الوديع لم يكن ينبئ بما يختفي وراءه من أخطار؛ فما لبثت الشمس أن اختفت خلف السحب الداكنة، وتلبدت الغيوم، وثارت الأمواج ترتفع كالجبال وتهبط كالوديان، تضرب بعنف جوانب السفينة، التي لم تستطع المقاومة طويلاً، فخارت قواها، واستسلمت لمصيرها المحتوم لتستقر في قاع البحر.

قفز الرجل إلى البحر الثائر, مقاوماً للموج والتعب الذي يشده إلى الموت؛ حتى وصل أخيراً إلى الشاطئ، عارياً من كل شيء؛ من ثروته التي اختارت أن تغوص مع حطام السفينة, ومن ملابسه.. لكنه وقف سعيداً مبتهجاً ولسانه يلهج بالشكر “الحمد لله.. لقد نجوت بكل ثروتي”!

كان الحكيم صادقاً في مقولته, صحيح أنه فقَد أمواله؛ لكنه يعرف أنه لم يفقد العقل الذي يفكر, واليد التي تستطيع أن تضرب بالفأس في أرض العمل لتنبت شجرة, ثمارها النجاح, ومذاقها السعادة.

وحياتنا يا أصدقائي كرحلة الرجل الحكيم, قد تقابلها عقبات وأزمات تزلزل كياننا, وتهدم الصروح التي شقينا العمر في تشيدها.. لنجد أنفسنا في مفترق طرق, إما أن نستسلم لقدَرنا, ونندب حظنا العاثر, ونذرف الدموع, ونصب اللعنات على الظروف.. أو نشحذ همتنا, ونستنهض قوانا الداخلية لنبدأ من جديد.

والأمر ليس بالهيّن, ولا يستطيعه إلا كل ذي همة عالية وإيمان حق, ذاك الذي يرى النور من وراء الغيوم, ويوقن أن الشمس ستشرق من جديد, وأنه ما دام للكون رب يرعى شئون عباده, وبين الأضلع قلب ينبض, وفوق الكتف عقل يفكر, فإن المرء يستطيع أن يبدأ من جديد, ويبني بناء أشد وأمتن مما تهدم وتبعثر.

فها هو الأمير عبد الرحمن بن معاوية يرى مُلك آبائه وأجداده وقد تداعى أمام ضربات العباسيين الذين حرصوا على قتل كل أمراء وأبناء أمراء بني أمية؛ خشية أن ينتفض أحدهم ويحاول أن يستردّ العرش.

لم يستسلم الأمير الأموي وهو ابن التاسعة عشر, واتجه ببصره إلى أقصى ركن في دولته المتداعية, وعبر آلاف الأميال في مغامرة تاريخية مدهشة, نجا خلالها من عيون الجواسيس, وأخطار محدقة, وأعداء يطلبون موته كما يطلبون الحياة لأنفسهم.

وبدهائه وعبقريته نجح في تشيد دولة قوية في الأندلس, وصف الكاتب الأمريكي ويل ديورانت حضاراتها بأنها فخر لبني الإنسان.. ونافست الخلافة العباسية في القوة والثراء والتحضر؛ حتى إن أشد منافسيه أبو جعفر المنصور، يقول يوماً لأصحابه: “أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا: هو أنت. فقال: لا.. بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفرداً بنفسه، مستصحباً لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر، وأقام ملكاً بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه”.

فالدنيا -يا صاحبي- تحتاج إلى من يشاكسها ويعاندها؛ فهي لم تعطِنا عهداً لكي تكون عندما نريد كما يقول الدكتور طه حسين, وبكدّنا واجتهادنا نستطيع أن نتخطي صعابها, ونبدأ من جديد.

فهذا إدوارد شيلدون Edward Sheldon الكاتب المسرحي الذي لمع اسمه في أوائل القرن العشرين, بعد أن صفّق له الملاييين يصاب بالشلل, ليجلس على كرسي متحرك.

ويشفق عليه أصدقاؤه؛ لكنهم يعجبون حينما يرونه يمضي ويكتب دون أن تفارق الابتسامة وجهه النحيل.

لكن القدر كان يخبئ له ما هو أشد؛ فقد بدأ يفقد نور عينيه ببطء، إلى أن جاء اليوم الذي فقَد فيه بصره تماماً, وأصبح حطاماً لرجل لا يتحرك ولا يرى.

وينزوي عنه أصدقاؤه.. وبعد عام فوجئوا بمسرحية تُعرض على مسارح نيويورك تحمل اسمه.. ويسرعون إلى بيته.. ليجدوا صديقهم الكسيح الضرير لم يفقد الأمل في الحياة.

وجدوه متدثّراً بغطاء ثقيل, وقد أخذ يملي على صديق -رفَض أن يتركه في محنته- مسرحية جديدة كان يسجّل فيها آخر مشهد من مشاهدها..

قال شيلدون لأصدقائه: “كنت أتوقع مجيئكم قبل ذلك بكثير.. ما الذي منعكم من زيارتي!”؛ قالها وقد ارتسمت على شفتيه شبح ابتسامة دقيقة تنمّ عما كان يعتمل في صدره من فرحة بلقاء هؤلاء الأصدقاء.

وسكتوا.. فقد كانوا يتوقعون أن يروا أي شيء إلا هذا الذي رأوه.. هل يمكن أن يعيش إنسان بهذه الروح العالية بعد أن أصيب بالعمى وفقَد القدرة على الحركة؟!

كتبت الكاتبة المسرحية آن مورو لندنبرج تصف أحاسيسها عقب كل زيارة كانت تقوم بها للصديق الأعمى الكسيح: “كنا نترك غرفته أكثر انتعاشاً, وأكثر أملاً بالحياة, كنا نشعر بأن هناك ألف طريق وطريق يمكن أن نسلكها لكي نصل إلى ما نصبو ونبتغي, وأن العمر سوف يمتد بنا طويلاً لكي نحقق آمالنا”.

فكن يا صديقي كالنهر, تعترض طريقه الجنادل والصخور, فيروغ ويدور حتى يفلت من خناقها, ثم يمضي في طريقه مسرعاً, وقد ارتسمت على صفحته ابتسامة الانتصار.. ويا له من انتصار.

فى النهاية نتمنى ان تكونوا استفدتم معنا فتابعونا حتى يصلكم كل جديد ومفيد وعصرى.